لن اعود اسكريبت بقلمى ميمى عوالى

لن اعود
اسكريبت بقلمى .. ميمى عوالى
فى عصارى يوم من ايام مارس وكانت الشمس تتوسط السماء و هى تتجه رويدا رويدا الى موعد غروبها و هى تسمح لموج البحر ان يبتلعها و يخفيها خلف عالم مجهول من الظلام
كانت زينب تجلس على السور الحجرى المحيط بالبحر و هى تراقب الشمس و تحسب السويعات الباقية على اختفائها وراء الحجب و هى تتمتم خفية و تقول انتى الوحيدة اللى بتغرقى جواه و بتطلعى من تانى كل يوم تمشى و تسيبينى من غير ما اعرف راسى من رجلى هتمشى لوحدك و همشى لوحدى هتستخبى ورا البحر و فى قلبه و انا برضة هستخبى .. بس منه مش وراه .. مابقيتش اامنله من بعد اللى خده و مارجعهوش تانى بس انا بقى النهاردة اللى همشى الاول و اسيبك .. خلاص مابقاش فى وقت
لتستدير من حيث كانت تدير ظهرها الى الطريق و تلتفت لتنهض من مجلسها لتشهق برجفة اجتاحت جسدها كله و هى تضع يدها على صدرها برهبة قائلة انت ايه اللى موقفك ورايا بالشكل ده و ايه جايبك عندى من اساسه هو مش خلاص .. كل واحد فينا راح لحاله جاى عندى من تانى ليه يا حودة
حودة و هو يتفرس بملامحها بغيظ دفين جاى اشوف اخرة قعدتك يوماتى على البحر دى هتخلص امتى يا زوبة
زينب بحدة اسمى زينب مابقاش من حقك خلاص انك تقولى زوبة دى تانى
حودة متحدثا من بين اسنانه و هو يتلفت حوله باحراج ماشى يا ست زينب بس برضة عاوز افهم اخرة قعدتك كل يوم على البحر دى ايه مستنية مين .. ها
زينب بامتعاض حاد مايخصكش و ابعد عن سكتى احسنلك
حودة و هو يمسك ذراعها و اليه مش هبعد اللا اما اعرف انتى بتقعدى هنا ليه
زينب و هى تنزع ذراعها بحدة من بين يديه ليه بقى ان شاء الله بصفتك ايه كنت على ذمتك و طلقتنى و عدتى خلصت من تلت ايام يعنى مابقالكش صفة اصلا عشان تحاسبنى و لا تعرف عنى حاجة
حودة ماتنسيش انى ابن عمك
زينب بغصة ابن عمى اللى رمانى فى الشارع .. و طردنى من ملكى و ملك ابويا .. مش كده امشى يا حودة و ياريت ماتورينيش طلعتك البهية دى نوبة تانية
حودة ممكن تقوليلى انتى ايه اللى مقعدك مع امونة
زينب بغضب و هى تدفعه بيدها فى احد كتفيه و انت مالك و مالى يا جدع و بعدين كنت عاوزنى اروح فين .. اللا .. ثم مانتش ولى امرى و ماليكش صالح بيا و اخفى من قدامى احسنلك بدل ماهلم عليك خلق الله و هوديك تبات على البورش الليلة دى
حودة بمداهنة يابت .. يا بت ارجعى بيتكم امك هتتجنن عليكى
زينب بجمود اللا هو انت كنت عاوزنى اقعد معاك فى بيت واحد من تانى بعد اللى حصل ثم انا قولتلك ماليكش صالح بيا احسنلك و اخر نوبة هقولهالك و لو حاولت تتعرض لى تانى نوبة هرمى روحى فى البحر .. خلينى احصل اللى راحو و تبقى بجملة
لتنظر له بتحدى ثم تستدير مبتعدة بخطوات غير متزنة نتيجة عجز بإحدى قدميها و لكن غضبها
ليستدير حودة هو الاخر و يعبر الطريق بعشوائية جعل قائدى السيارات يسبونه بصياح مزعج و لكنه ظل على حاله دون اهتمام حتى وصل الى احد المنازل العتيقة و البعيدة نسبيا عن البحر ليدق الباب الخشبى الضخم قائلا بصوت كالصياح افتحى يا امة فرنسا
لتطل عليه امرأة فى العقد الخامس يبدو على محياها اثر حسن ولى مع سنوات عمرها المنصرمة و تقول بحزم اصبر يا ولا اما انزل افتحلك
لتنصرم بضع دقائق قبل ان يسمع صوت المزلاج و ينفتح الباب ليدخل قائلا انا شفت زوبة
فرنسا بلهفة لقيتها فين
فرنسا الف رحمة و نور عليه و ما جيبتهاش معاك ليه ماقلتلهاش انى بدور عليها
حودة لقيتها قاعدة على البحر مكان ما عمى الله يرحمه كان بيربط مركبه و يصلح الشبك بتاعه و ينشره
حودة بامتعاض ده على اساس انك مش عارفة مطرحها يا فرنسا
فرنسا انت عاوزنى اروحلها عند امونة ده لو اخر يوم فى عمرى و عمرها مش هروح انا برجلى لضرتى ابدا
حودة و هى كمان شكلها قاعدة و مبلطة عندها
فرنسا بفضول طب انت ماجيبتهاش معاك ليه
حودة هى رضيت تتكلم معايا من اصله دى بهدلتنى و قالتلى انت صفتك ايه اصلا عشان تكلمنى
فرنسا باستغراب لا هو انت ماقلتلهاش ان قعدتها هناك دى هنتعاير بيها بعدين
حودة بامتعاض لا
فرنسا بحدة ليه ياخايب كنت عرفها و هاتها فى ايدك و لو حتى غصب عنها
حودة بعتاب مابكفياكى غصب بقى يا امة
حودة و هو كل اللى حصل ده مش من تحت راس سمعانى لكلامك يا امة
فرنسا يا ولا اسمع الكلام لاهو انت هتفهم اكتر منى
فرنسا انت كنت عاوزنى اتفرج عليها و هى عند ضرتى و بتاخد معاها عزا عمك
حودة و هو يعنى عمى الله يرحمه لو كنا عملناله العزا بتاعه هنا بس مش هناك كان هيصحى تانى ماخلاص اللى بياخده البحر عمره مابيرجع تانى يا امه .. يا امه انتى اللى مربيانى طول عمرى و رغم انك مراة عمى بس انتى امى و عز عليا لما زعلتوا سوا و زعلك منها خلانى انا كمان زعلت
زعلت على موت عمى و زعلت على زعلك بزيادة و نرفزتى خلتنى عملت اللى عملته تقومى انتى بدل ما تهديها و نلم الليلة تقومى انتى كمان تطرديها و تقوليلها روحى لمراة ابوكى خليها تنفعك
فرنسا بحدة لا هو انت هترمى بلاك عليا و اطلع انا السبب فى الاخر روح يا معدل هات مراتك من مكان ماهى قاعدة و عرفها ان مالهاش غيرنا بدل ما تلاقيها شافت لها شوفة بعيد عنك و انت مش دريان
حودة بزعل مراتى مين بقى .. ما خلاص
كانت زينب قد وصلت الى منزل زوجة ابيها و دقت الباب لتفتح لها امرأة اخرى اربعينية و هى تقول جيتى بدرى يعنى النهاردة يا زوبة
زينب لقيت النوة هتبتدى تمطر فقلت ابدر احسن ماخد المطر على دماغى
زينب اومال حسن و حسين فين
امونة عملتى طيب
امونة و هى تتجه الى المطبخ لسه ماطلعوش من
فذهبت زينب خلفها و هى تشمر عن ساعديها قائلة اصلى ماشفتهمش وانا طالعة فكرتهم طلعوا هم كمان طب انا هغسل المواعين على ما يطلعوا
كانت امونة قاربت على الانتهاء من اعداد الطعام و كانت تسترق النظر بين لحظة و اخرى الى زينب و التى كانت تبدو غارقة فى افكارها الخاصة فقالت لها امونة ايه يا زوبة
زينب بانتباه خير
امونة مالك .. شكلك متغيرة .. فى حاجة و اللا ايه
زينب ابدا .. هيبقى فى ايه
امونة اوعى تكون امك متضابقة من قعادك معايا طول الوقت ده و لا يكون جوزك كمان زهق من قعدته لحاله
زينب ليه بتقولى كده و بعدين مانا قلتلك انى قلت لامى و لحودة انى هقعد معاكى انتى و اخواتى على ماعدتك تقرب تخلص عشان لو احتاجتى حاجة ابقى معاكى
امونة بتردد ماتزعليش منى يا زوبة بس امك و جوزك اولى منى على الاقل انا اخواتك معايا لكن امك مهما ان كان لوحدها
زينب ابويا مطلق امى من سنين يعنى مالهاش عدة تمنعها انها تخرج و تروح و تيجى لكن انتى ليكى
امونة بس امك زعلت هى كمان على موت ابوكى الله يرحمه ده انا حتى سمعت انها عملت عزا عندها هى كمان
زينب العشرة ماتهونش الا على ولاد الحرام يا مراة ابويا و بعدين ما ادينى اهو كل يوم بروح اطل عليهم و اشوف طلباتهم و برجعلك من تانى
اجل .. فزينب لم تصرح لزوجة ابيها عما حدث بينها و بين امها .. ليلة غرق ابيها و مركبه فى غياهب البحر حين ابتلعتهم احدى نوات البحر و اقساها على الاطلاق .. نوة راس السنة
ليأتيها خبر غرق ابيها لتهرع الى منزل ضرة امها و هى تنتحب و تولول على ما حدث دون حتى ان تتذكر ابلاغ زوجها او امها القاطنة معها بنفس المنزل بما حدث لتلتهى بالاحداث الجارية من حولها حتى انتهت ايام العزاء الثلاث لتودع زوجة ابيها و إخوتها الذكور عائدة تجر ذيول يتمها و حزنها الى منزلها لتتفاجئ بما حدث فور ان وقع بصرها على وجه امها
فلاش باك
دلفت زينب الى المنزل و قبل ان تمد يدها لتغلق الباب وقع بصرها على امها و هى تهرول نزولا على الدرج و كأنها مازالت فى ريعان شبابها و قالت لزينب بغضب توك ما افتكرتى ان ليكى بيت و ام يا ست زينب
لتجفل زينب على اثر صوت امها الغاضب و تقول جرى ايه يا امه خضتينى
فرنسا بصياح ولا يا حودة .. هات للمعدلة مراتك طاسة الخضة
زينب بامتعاض جرى ايه يا امة فى ايه
فرنسا و هى تجذبها من ذراعها و تهزها بعنف انتى لسه بتسألى جرى ايه بقى ابوكى يموت و تجرى ترمحى بالمشوار على بيت مراة ابوكى و تسيبينى هنا لوحدى
زينب باستنكار لاهو انتى كنتى عاوزانى اعزمك يا امة و اللا انتى كنتى عاوزانى افضل جنبك هنا و ما اخدش عزا ابويا
فرنسا بحدة و ماتاخديش عزاه هنا فى بيته ليه ان شاء الله هو مش ده بيته و انتى بنته و راجلك ده يبقى
زينب بتنهيدة انتى عارفة كويس ان المفروض العزا يبقى عند اخواتى .. ولاده الرجالة
فرنسا بسخرية انهى رجالة دول دول حتى لسه شنبهم ماخطش
زينب لأ خط يا امة اسم الله عليهم شبوا و بقوا جدعان زى الورد
فرنسا بغيظ انتى بتكيدينى يا بت
زينب و هكيدك ليه بس يا امة انا بس برد عليكى ابويا خلاص مات و راح انسى بقى يا امة
زينب و هى تتجه ناحية الدرج الذى كان يقف حوده بمنتصفه و هو ينتظر ما سيؤول اليه نقاشهن فى صحن المنزل انسى انه طلقك عشان يتجوز امونة
فرنسا انسى ايه ان شاء الله
لتلتفت فرنسا اليها بحدة قائلة انتى بتعايرينى يا بنت بطنى اخص عليكى و على ربايتك
زينب و عيونها ممتلئة بالدموع لو انتى فاكرة انى بنت بطنك بصحيح كنتى على اع الاقل عزيتينى فى موت ابويا كنتى خدتى بخاطرى على يتمى بدل ما انتى كل اللى همك انى وقفت فى عزا ابويا مع اخواتى الجدعان
فرنسا بغيظ انتى بتعيديها تانى قدامى باقليلة الفهم و الرباية بس هقول ايه مانتى تربية موافى
زينب بغضب بقولك ايه يا امة ياريت ماتجيبيش سيرة ابويا على لسانك ابويا خلاص رجع للى خلقه و انتى اصلا لا ليكى دعوة بيه و لا على زمته عشان اقعد معاكى و اسيب عزاه
ليهرول حودة من على الدرج متجها الى زينب ليسحبها من امام امها بشدة صائحا و بعدها لك يا زوبة ماتلمى لسانك ده شوية
زينب ببكاء انا برضة .. بقى هى دى البقية فى حياتك و اللا شدى حيلك و انا اللى كنت فاكراكم هتجونى هناك تقفوا جارى و تسندونى قدام الخلق الاقيكم انتم الجوز ولا حس و لا خبر
فرنسا عشان البعيدة عامية
زينب انا مش عامية يا امة انا بس بفهم فى الاصول
فرنسا بترصد انتى تقصدى ان احنا مابنفهمش فى الاصول يا بت اتفضل شوف مراتك الحلوة يا سى حودة بتقول اننا ما بنعرفش الاصول
حودة مابكفياكى بقى يا زوبة
زينب و هى تزيحه من جانبها و تتجه الى الدرج زوبة فايتهالكم خالص عشان تنبسطوا ببعض
لتصعد الى غرفتها تاركة اياهم لترتمى بفراشها منتحبة على اب حنون ذهب دون عودة و ام قاسية تحملها وحدها سبب زواج ابيها بامرأة اخرى
فعند ولادة فرنسا لزينب .. كانت ولادة متعسرة صعبة فى زمن لم يكن من السهولة ان تلد المرأة تحت الرعاية الطبية كما الآن و كانت القابلة القائمة على ولادتها تحاول باستماتة مساعدتها و لكن وضع الجنين كان معكوسا بالكامل فقد اطل عليهم الجنين باحدى قدميه لتحاول القابلة دفع القدم مرة اخرى بداخل الرحم وسط صراخ فرنسا و استغاثتها لتصيح القابلة بخوف و هى تفتح باب الغرفة الحقنا يا موافى .. العيل جاى برجله لازم ننقلها المستشفى بسرعة لا تروح مننا
ليتم نقلها على الفور للمشفى و بعد جهد و عناء من طاقم الاطباء يتم إنقاذ فرنسا بعد تضرر رحمها ليخبرهم الاطباء خطورة حملها مرة اخرى و انقاذ