هند الحارس 2

لمحة نيوز

كنت قاعدة في أوضتي، لحد ما ماما نادت عليّ وقالتلي:
"خطيبك واقف برا."
وبعدها ضحكت وقالت:
"نسيت… ده جوزك دلوقتي."

طلعت وأنا متوترة ومش مستوعبة ده حصل إمتى، كل حاجة جت بسرعة. طلبه إننا نكتب الكتاب… لحد دلوقتي مش مستوعبة ده حصل إمتى. لما طلعت لقيته قاعد مبتسم، شكله يدخل السرور على قلب الحزين.

قعدت بعيد شوية لأني لحد دلوقتي مش مستوعبة ومكسوفة… إزاي راجل غريب كنت بعامله بحدود من يومين بقى جوزي، ومفروض أتعامل بأريحية؟

فضلت منزّلة راسي في الأرض، لحد ما اتكلم بصوت حزين وكأنه بيلومني:
"امبارح طلبت من والدك نخرج بعد كتب الكتاب، وانتي اتحججتي ورفضتي. كان نفسي أقولك كلام كتير، بس قولت يمكن تعبانة من اليوم والضغط… ليه مش راضية تبصيلي وبتبصي في الأرض؟ أنا ضايقتك في حاجة؟"

حاولت أجمّع رد في دماغي ومش عارفة. ماخدتش بالي إن عدى ربع ساعة وأنا ساكتة، وهو منتظر ردي.

اتكلم تاني بخيبة أمل باينة في صوته:
"أنا عارف إني

ممكن أكون استعجلت، بس أنا سألتك قبلها ومعترضتيش. أنا عارف إن فترة الخطوبة كنتي مكسوفة ومكنتش معترض والله، بس ليه دلوقتي حاسس إنك مش عايزاني؟"

سمعت كلامه وأنا مخنوقة من نفسي، حاسة إني عايزة أعيط. دايمًا كنت شخصية سلبية، وحيدة، مش بتعامل مع ناس كتير، وهو كان أول حد أتعامل معاه. مكنتش حابة أوصله الإحساس ده. جيه في بالي إني ياما اتقالي إني هفضل من غير صحاب أو حد يحبني بطريقتي دي، وكان عندهم حق. مستاهلش أتحب.
ماحسّيتش إن دموعي كانت بتنزل، وهو قرّب مني ومسك إيدي وهو بيعتذر، وكأنه هو اللي أذنب في حقي:
"طب بتعيّطي ليه دلوقتي؟ خلاص طيب مش هكلمك تاني وخدي راحتك يا ستي."

اتكلمت وأنا بعيط بصوت شكّيت إنه سمعه:
"أنا مكسوفة وخايفة… دايمًا كنت أحس إني مش محبوبة ولا حد عايزني، خايفة أتعلق بيك… تمشي زيهم."

رفع راسي اللي كنت منزّلاه بإيده، وابتسم وهو بيقولي:
"أنا آسف إني ضغطت عليكي، بس أنا عمري ما هكون زي حد أذاكي أو

سببلك الشعور ده. أنا كنت خايف زيك، بس خايف إن البنت الوحيدة اللي قلبي مال ليها تكون وافقت عليا مجبرة أو بقلة حيلة منها إنها ترفض. صدقيني أنا حبيتك عشان مختلفة. شوفت فيكي الزوجة والصديقة والأخت… شوفت فيكي السكن اللي هسكن ليه وقت وجعي."

ما بقيتش مستوعبة إن كل الكلام الحنين ده ليا حسّيت إني ملكت العالم. بصيت له لأول مرة في عينه، لقيت لمعة حلوة… واللمعة دي كانت عشاني.

طلع في حد في الكون ده ربنا خلقه عشان يعوّض قلب عن سنين وجع كتير. معرفتش أقول إيه. كنت عايزة أقوله كلام كتير، ما عرفتش. لسه مش متعودة…
بس افتكرت إني بكتب.
كل مرة بشوفه بيتجدد جوايا شعور بالامتنان لوجوده في حياتي. برغم إني مكنتش بتكلم كتير، بس عمره ما ضغط عليا. كان دايمًا متفهم صمتي، وكان بيحاول يخرجني منه بطريقة لطيفة.

استأذنت منه أجيب حاجة من جوا، بص لي وهو مبتسم.
خرجت بعد شوية بالمذكرة بتاعتي اللي بكتب فيها كل شعور وكل حزن بيمر بيا.
بس

دي كانت عشانه.
من يوم ما عرفته ما كتبتش غير عن كل شعور بيبقى جوايا ومش بعرف أعبّر بيه.
فتحت على صفحة محددة وسلمتهاله وأنا مكسوفة، ويشاء الله إن الصفحة تتقلب عشان أسمعه بيقرأ:

"أخفيتُ نظرة عينيَّ خشيةً عليك من الوقوع فيهما،
ولو أنك نظرتَ إليهما، لرأيتَ شوقًا بليغًا، وفخرًا لا يُضام."

بصلي بذهول، وبعدين سألني:
"ده عشاني؟"

هزّيت راسي، وبعدين اتكلمت بصوت واطي…
هو يستاهل إني أحاول أتغلب على رهابي الاجتماعي وكل مخاوفي عشانه:
"كنت كاتباها من شهرين لما فتحت الشغل الخاص بيك. وقتها أنت جيت سألتني: مبسوطة ولا لأ؟
ما عرفتش أعبّر، بس بعرف أكتب.
وقتها كنت مكسوفة أبصلك، بس كنت فخورة بيك."

سألني وهو بيضحك على رد فعلي:
"وبالنسبة لشوقًا بليغًا… مش عايزة تفسريها؟
أنا حتى كنت ساقط عربي!"

ضحكت، وهو ضحك، ودي كانت بداية المودة اللي دامت سنين بينا.
احتواني في وقت ضعفي، وكنت ملجأ ليه العمر كله.

ساعات بنبقى لازم نحارب…

عشان في حد جميل يستاهل إنه يتعامل مع قلبنا الحلو.

– لـ هند حارس

تم نسخ الرابط